المشنف
تكثر في "السويداء" العديد من المعابد الأثرية لآلهة تعود إلى قرون من الزمن، وهي تحمل حكايا وتاريخاً لتلك الأزمنة التي وجدت بها، وتساؤلات للتاريخ المعاصر، كيف كانت الحضارة العمرانية، ومن تلك المعابد معبد "المشنف" التي تبعد عن "السويداء" حوالي 30كم إلى الشمال الشرقي.
حول المعبد أوضح المهندس "وسيم الشعراني" رئيس دائرة الآثار والمتاحف بالسويداء لموقع eSwueda قائلاً: «هناك أكثر من رأي حول تاريخ بنائه فحسب رأي السيد "فرايبرغر" الوارد في تقرير البعثة الألمانية عام 1991، "هو معبد للإله "زوس" بني عام 41م ويستدل على ذلك من نقش يوناني كتب عليه: "من أجل سلامة الملك "أكريبا" ومن أجل عودته طبقاً للنذر قام فلان بن فلان ببناء معبد "زيوس الإله الأبوي"، والملك"أكريبا" هو الحاكم المحلي لبلدة المشنف "نيلا" قديماً، وقد اعتمد على عدد من الزخارف والنقوش التي تعود إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، وأن إصلاحاته بدأت في عام 171، وجرت عليه بعض الإصلاحات من قبل "ألكسندر سيرس" 222-235، وقد أكدت الباحثة "ميشائيل كفالوفسكي" من خلال دراستها لهذا الموقع في كتابها "آثار وتاريخ سورية" لعام 1989، أن تاريخ بنائه يعود إلى النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، أما الباحث السيد "جان ماري دنتزر" فيؤكد أن تاريخ بنائه في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي في مؤلفاته، وذكر العالم الأمريكي "بتلر" في كتابه "استكشاف أثري أمريكي في سورية 1900-1899م" أن تاريخ المبنى يعود إلى 171م، في بداية القرن العشرين سكن من قبل بعض الأهالي وقد أضافوا إليه بعض الغرف».
وعن وصف المعبد المعماري تابع المهندس "الشعراني" بالقول: «إن لهذا المعبد شكلاً مستطيلاً قسم إلى ثلاثة أجزاء متساوية تقريباً، الأول ويدعى "بروناوس" كما ورد في تقرير "فرايبرغر"، وهو الجزء الواقع بين الأعمدة المتقابلة وجدار المدخل، من الصعب تصور شكل هذا الجدار فمن الواضح طبعاً بناء
جدار بين الأعمدة بشكل خاطئ واحتوائه على زخارف ربما لا تكون من الموقع أصلاً، والجزء الثاني والثالث يشكلان قدس الأقداس "حجرة التمثال" وهو مقسوم إلى جزأين متساويين تقريباً بقوس "قنطرة" بازلتية تتألف جدران هذا القسم من حجارة بازلتية على طبقتين يبلغ ارتفاع المدماك فيها بين 54-45سم وهي مدعومة برباطات قليلة وغير مدعومة، ومن الأجزاء الأصلية الباقية في المعبد الجدار الشمالي بما فيه قواعد الأعمدة والسواكف وبعض مداميك السور الخارجي للمعبد- قاعدة عامود الزاوية الجنوبية الشرقية يتقدم جسم المعبد من الشرق الساحة الأمامية المبلطة، ومن الملاحظ التشوه الحاصل على جسم المبنى كالتعديل الحاصل على الجدار الرئيسي "المدخل" تشوهات الجدار الشمالي والواضح للعيان حيث يميل هذا الجدار إلى الشمال وكأنه قطعة مستقيمة تدور على مفصل، مع وجود إضافات لاحقة على البناء حيث تم إضافة بعض الغرف على المخطط الأساسي للمعبد في الفترة مابين1857م و1902م ناتجة عن إضافة غرفة مستطيلة في الشرق ناتجة عن الجدار الشمالي وعن سد الجانب الشرقي بحجارة مكعبة ومزخرفة غريبة عن الموقع بين العمود البارز في الشمال الشرقي والأعمدة الجبهية كذلك عن بناء فواصل جديدة داخلية في الجنوب والغرب، هذه الغرفة تمثل صورة مصغرة عن داخل المعبد الأصلي ومزاحة إلى الشرق أما في الجنوب فالمتبقي ممر فارغ يقود إلى غرفة عرضانية يحيط به شمالا وغرباً وجنوباً الجدران الخارجية للمعبد نفسه».
وعن وضع المعبد الراهن بين المهندس "حسين زين الدين" معاون رئيس دائرة الآثار في السويداء بالقول: «الجهة الشرقية مبنية تماماً بقطع معمارية أثرية ليست في مكانها الأصلي "معاد بناؤها"،
المعبد
في هذه الجهة وبالاتصال مع فناء المعبد أنشئت غرفة مازالت مستخدمة إلى اليوم، يبرز الجدار الشمالي في هذه الجهة من الساكف وحتى الحافة العليا ويلاحظ وجود شق ضمن هذا البروز بعرض 3سم، أعمدة الواجهة الشرقية مازالت في وضعها الأصلي وهي عبارة عن عمودين بما فيها القاعدة والسارية وجسم العمود، يلاحظ أمام العمود الشمالي قطعتين حجريتين من جسم العمود وأمام العمود الجنوبي وجود قطعة واحدة، أما بروز الجدار الجنوبي على هذه الواجهة فلم يبق منها سوى القاعدة بوضعها الأصلي بالإضافة إلى ثلاثة حجارة مربعة الشكل، أما الجهة الجنوبية الأبنية الحديثة بالجدار الجنوبي من جهة الغرب علماً أن هذا الجدار مازال قائماً حتى الحافة العليا للإفريز إلا أن وجود البناء الحديث يغطيه حتى المدماك الرابع عشر أما السور الجنوبي فقد بقي منه حوالي 14م، والجهة الغربية مازال الجدار الغربي بوضع جيد بما فيه الساكف والإفريز إلا أنه يعاني من تقوس إلى الداخل والوسط ويبلغ حده الأقصى في الأعلى إضافة إلى فقدان حجر الزاوية الشمالية وبعض الحجارة المربعة الشكل، والجزء الأكبر من الجهة الشمالية مازال موجوداً، إلا أنه يعاني من ميل شديد على الخارج وخاصة في جزئه الشرقي».
وتابع المهندس "زين الدين" بالقول: «لدى دائرة الآثار رغبة في استملاك المعبد والعقارات المجاورة له وإزالة الأجزاء المبنية حديثاً وذلك من أجل إظهار ما بقي من معالمه الأثرية، وجمع القطع المعمارية التي تعود إلى المعبد والمتواجد العديد منها ضمن المنازل المحيطة، بالإضافة إلى نقوش كتابية قد تكون موجودة، وتعويض الأحجار المفقودة ضمن الجدران بحجارة
مطابقة لمواصفات الحجر المبني وإعادة حجر الزاوية الذي يعود لمقطع رأس المنصة إلى مكانه علماً أنه موجود في مكان قريب بين المعبد والبركة، ووضع دراسة ترميمية للجدار الشمالي والذي يعاني من ميل شديد ولا يمكن التخمين متى سينهار، وحتى تبقى الأعمدة الأصلية في الجهة الشرقية مكانها لابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل سند وتدعيم للأحجار التي تشكل جسم العمود والبحث عن الأحجار الناقصة من الأعمدة فربما تكون موجودة بالقرب من الموقع أو ضمن المنازل القريبة».