متحف شهبا
يقع متحف "شهبا" إلى الجنوب الشرقي من الحمامات العامة للمدينة، وتمر بمحاذاته من الجنوب القنوات التي تغذي الحمامات بالماء، كان عبارة عن دارة رومانية تتألف من 18 غرفة، إلا أنها تحولت فيما بعد إلى متحف بعد اكتشاف أربع لوحات فسيفساء ملونة استخدمت كأرضيات تزيينية لأحد القصور التي بنيت في عهد الإمبراطور فيليب العربي.
موقع eSuweda زار المتحف والتقى الأستاذ "مروان أبو جهجاه" من الموظفين فيه والذي حدثنا عن تاريخ تأسيسه قائلاً: «تم التنقيب عام 1963م في الخربة الأثرية الواقعة جنوب شرق الحمامات، إثر اكتشاف بعض مكعبات الفسيفساء الملونة، ونتيجة لذلك تم العثور على دارة رومانية تتألف من 28 غرفة بمساحة إجمالية 3520 مترا مربع.. يتراوح ارتفاع جدرانها بين السبعين سنتيمترا والمترين، مبنية بالحجر البازلتي.
ولضمان بقاء اللوحات في مكانها، رأت مديرية الآثار أن يتم تحويل الدارة إلى متحف، مع مراعاة تقسيم المتحف وفق توزع اللوحات أي ترك فراغ بمقدار مساحة اللوحة مع ممرات بينها مزودة بحواجز ينتقل الزائر فيها ويشاهد اللوحات من ارتفاع مترين تقريباً دون وطئها بالأقدام.
وبالفعل تم تدشينه عام 1968م وكانت عملية تحويل هذه الدارة إلى متحف هي عملية هامة جداً ولها فوائد وميزات عديدة من النواحي العملية والواقعية حيث أن مشاهدة القطع في مكانها الأصلي تعتبر أكثر جاذبية وبذلك شغل المبنى المستخدم كمتحف ضمن الدارة الرومانية مساحة قدرها 300 متر مربع».
وعن المقتنيات الأثرية التي يضمها المتحف إضافة للوحات الفسيفساء، تابع قائلاً: «يضم المتحف إضافة إلى لوحات الفسيفساء الأصلية، ولوحتين تم نقلهما إليه، إضافة إلى المنحوتات التي تفتقد للرأس في معظمها.. إلا أن الرأس الوحيد الذي عثر عليه هو للإمبراطور "فيليب العربي" في عام 1974م هو معروض حالياً في الجهة الشرقية من القاعة الرئيسية في المتحف يتوجه إكليل من الغار.. وفيه أجزاء التماثيل البازلتية المتنوعة وبعض الجرار الفخارية، بالإضافة إلى رأس من الرخام للإمبراطور فيليب العربي يتوجه إكليل من الغار».
أما عن إقبال الناس والسياح على زيارة المتحف؟ أضاف بقوله: «هناك إقبال متزايد على زيارة متحف "شهبا" إذا يأتي في المرتبة الثانية بعد آثار "بصرى" في المنطقة الجنوبية.. ففي هذا العام زارنا 12 ألف زائر أوروبي، وقد تركوا انطباعات مدهشة عن اللوحات لأنهم لم يشاهدوا لوحات بدقتها في أي مكان
لوحة آلهة البحر في مكانها الأصلي
آخر، ومنهم من كانت زيارته هي الثانية لمدينة "شهبا" وللمتحف على وجه التحديد.. نظراً لما وجدوا من كرم الضيافة وحسن الاستقبال».
مدير دائرة الآثار في "السويداء" المهندس "وسيم الشعراني" تحدث بشيء من التفصيل عن مبنى المتحف قائلاً: «يتكون مبنى المتحف من قاعتين: الأولى تضم أجزاء من التماثيل البازلتية التي تمثل أغلبها ربة النصر وكلها من العصر الروماني تعود للقرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى لوحتين من الفسيفساء.. الأولى هي لوحة باخوس إله الخم وهي لوحة فسيفسائية تمثل الإله باخوس وهو عائد من أحد جولاته مبتهجاً ويرفع في يده اليمنى قرن الوفرة والخصب، ويرتدي على كتفيه جلد ماعز و في يده اليسرى رمحاً يتكئ عليه، ويحيط برأسه هالة الألوهية، على يمينه حيوان أسطوري اسمه الصانتور نصفه السفلي حصان، ونصفه العلوي إنسان وجهه وجه شيطان، وهذا الحيوان الأسطوري يحمل بين يديه وعاءً يبدو أنه ممتلئ بالخمر ويبدو هذا الحيوان بأنه يتراقص فرحاً، وتحت أقدام الإله باخوس حيوان أشبه بالفهد.
اللوحة الثانية هي لوحة فلسفة الحياة: وهي صغيرة الحجم نسبياً قياساً بباقي اللوحات، فيها شكلان مروحيان وكل شكل فيه أربع شفرات وهي تمثل استمرارية الحياة.. مزينة بإطار أسود وأحمر.
أما القاعة الثانية فهي تتكون من ست غرف وفي كل غرفة لوحة فسيفساء منها أربع لوحات في مكانها الأصلي، كما عُرض في المداخل الموجودة بين الغرف ثمانية عشر جرة من الفخار متنوعة الأشكال اكتشفت في تنقيبات مدينة "شهبا" وتعود للعصر الروماني.
اللوحة الأولى هي لوحة تيثيس آلهة البحر وهي في مكانها الأصلي تمثل تيثيس ربة البحر وهي تتزين بالحيوانات البحرية، فنرى التنين برأس كلب يلتف حول عنقها وهو رمز لأهوال ومخاطر البحر، ونشاهد نجم البحر فوق جبهتها محاطة بالزعانف وهي رمز جمال البحر، ويزين شعر تيثيس الأسماك البحرية وهي رمز لكنوز وخيرات البحر.وشعرها يتدلى على كتفها، وهو بلون رمال الشاطئ ونظرة تيثيس تبدو وكأنها تدل على
عمق البحر واتساعه.
واللوحة الثانية هي أعراس ديونيزياس وآرديانه وهي إلى الشرق من اللوحة الأولى في مكانها الأصلي، وتمثل أعراس ديونيزياس وآريادنه ونشاهد على اليمين إله الخمر ديونيزيوس وعلى يمينه آلهة النبات آريادنه يحتفلان بزفافهما بين الآلهة، ويوجد إله حب صغير يحمل في يده اليسرى شعلة ترمز إلى الرغبة وهو يوفق بين الزوجين ويزيد المحبة بينهما.
اللوحة الثالثة هي للعازف والموسيقار أورفي وهي إلى الشرق من اللوحة الثانية في مكانها الأصلي أيضاً، تمثل العازف والموسيقار أورفي، ويبدو أورفي في وسط اللوحة جالساً على صخرة ينظر نحو السماء، ويرتدي القبعة الإفرنجية، وهي رمز الحرية في روما.. يعزف على قيثارته ذات الستة عشر وتراً، وتجتمع حوله حيوانات الغابة، ويعلو اللوحة من الزاوية اليمنى حيوان أسطوري يمثل النسر الأسد، ويزين الإطار الخارجي عشرون وجهاً إنسانياً يرتدون الأقنعة المسرحية.
اللوحة الرابعة هي مشهد غرام أفروديت وآرس: وهي إلى الشمال من اللوحة الثالثة في مكانها الأصلي تمثل غرام أفروديت ربة الحب والجمال وآريس إله الحرب وتبدو آلهة الحب والجمال عند الرومان أفروديت وهي شبه عارية، يحيط برأسها هالة الألوهية، وتقف خلفها حارس يحمل إكليلاً وتستعد لتتويجها، وأمامها ملاك الحب الصغير كيوبيد يحمل أسلحة الإله آريس كالسيف والترس، وإلى اليسار يقف آريس إله الحرب عارياً، يضع على يده اليسرى رداءً ويحمل الرمح وحول رأسه هالة الألوهية، و إلى جانبه امرأة مدثرة بالعباءة، ترمز إلى الحشمة والعفة، وفي أعلى اللوحة من الجهة الشرقية، تجلس سكوبي متكئة على صخرة تنظر بإعجاب إلى أفروديت، ويعلو اللوحة في الوسط ملاكي حب يرقصان.
اللوحة الخامسة وهي بعض أجزاء من لوحة فسيفساء تمثل طائر الطاووس وأمامه شرنقة، وهذه الأجزاء مزخرفة بإطار حلزوني وأشكال زخرفية هندسية وهي منقولة.
والسادسة لوحة من الفسيفساء تمثل النعم الثلاث، في وضع استعراضي احتفالي ، عبارة عن ثلاث فتيات عاريات تمثلن النعم الثلاث الحكمة والفضيلة والعدالة،
رأس الامبراطور "فيليب العربي" المعروض في المتحف
وتلبسن على رؤوسهن أكاليل الغار ويتزين بالخلاخيل، محاطة اللوحة بعدة أطر تتضمن أشكالاً نصفية بشرية منها الفصول الأربعة كما تشير الكتابات، وبين الفصول الأربعة نشاهد سيدة تحمل كأساً تمثل ربة الحفل ويقابلها من الجهة الأخرى من اللوحة شاب يحمل بيده صولجاناً ويمثل مقدم أو عريف الحفل، وهي منقولة من أحد المنازل المجاورة للمتحف.
أما بالنسبة للحديقة فهي تضم إلى جانب الشجيرات والأزهار العديد من القطع البازلتية،كخرزات الأعمدة والتيجان وأجزاء من إطارات النوافذ المزخرفة وبعض العناصر المعمارية المختلفة وتتركز الحديقة في الجزء الغربي من الدارة الرومانية التي تحول جزء منها إلى المتحف الحالي والجزء الباقي في الشرق ويضم أساسات جدران غرف الدارة الرومانية».